التعاقد الإلكتروني
الاستشاري/ محمود صبره
رغم استخدام تعبير "التعاقد الإلكتروني" كثيرًا في مداولات لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، لم تضع اللجنة تعريفًا محددا له، ويظهر مع ذلك من مداولات اللجنة أن هذا التعبير يستخدم للإشارة إلي تكوين العقود عن طريق الاتصالات الإلكترونية أو "رسائل البيانات" بالمعني الوارد في المادة 2 من قانون الأونستيرال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية، وهذا المفهوم لتعبير "التعاقد الإلكتروني" يتوافق أيضًا مع المعني المقصود في العقود العادية.
ومن ثم، لا تعد "العقود الإلكترونية" عقودًا" مختلفة بشكل أساسي عن العقود التي تكتب علي الورق، ومع ذ لك فإن التجارة الإلكترونية لا تحاكي تمامًا أنماط التعاقد المستخدمة في تكوين العقود عن طريق الوسائل التقليدية. ويمر عبر شبكة الإنترنت يوميًا الآلاف من العقود التي تبرمها الأطراف المتعاقدة من بيع وشراء لمختلف السلع والخدمات. ويثور سؤال: هل العقود التي تتم عبر شبكة الانترنت عقودا رضائية، تخضع لمبدأ سلطان الإرادة والتراضي بين الأطراف المتعاقدة، أم عقود إذعان لا يكون لأحد الأطراف فيها حرية الإرادة التي تمكنه من التفاوض حول شروط العقد؛ ولا يكون له إلا الاستجابة للشروط الموضوعة من الطرف الآخر، دون أن يملك مناقشتها أو التعديل فيها أو الاعتراض عليها مما يقرﺑﻬا إلى عقود الإذعان مثل عقود الغاز والكهرباء والنقل؟
وهناك رأيان حول هذا الموضوع: الأول، ويتبناه القانون الإنجليزي، يرى أن عقود التجارة الإلكترونية هي بمثابة عقود إذعان، وإن لم يصرح بذلك صراحة علي اعتبار أن المتعاقد، لا يملك إلا أن يضغط في عدد من الخانات المفتوحة أمامه في موقع البائع، أو المشتري، على المواصفات التي يرغب فيها من السلعة وعلى الثمن المحدد سلفًا، الذي لا يملك مناقشته أو المفاوضة عليه مع المتعاقد الآخر، وكل ما يتاح له هو إما قبول العقد برمته أو رفضه كلية.
أما الرأي الثاني، فيرى أن هذه العقود رضائية وتختلف عن عقد الإذعان الذي هو من عقود الاحتكار والمنافسة الضيقة، مثل عقود توريد الكهرباء والغاز والمياه التي تمس مصلحة حقيقية، وتقدم خدمة لا يستطيع المستهلك الاستغناء عنها بسهولة، في الوقت الذي يوجد محتكر وحيد أو عدد قليل من المنتجين لهذه السلعة الذين يقومون بتحديد أسعار بيعها للمستهلك.
ولمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع وغيره من الموضوعات ذات الصلة بالتعاقد الإلكترونى ، يمكنكم الاطلاع على البرنامج التدريبي لمعهد صبره للتدريب القانوني من خلال الرابط التالي: https://goo.gl/j3XhKt